لا أقل احباطاً ما أحسست به و أنا أشاهد ما يحدث في وطني هذه الأيام, بل أسميه جزعا و هلعا و خوف شديد من احتراق الوطن.
تجرأ على مقام الوطن سفهاء رباهم زبانية الشر, بل و أنفق عليهم من أموال الشعب المسالم المحب للحضارة, العاشق لتراب هذا الوطن, كما سمح هؤلاء الزبانية بأن يتجرأ أعداء الوطن التاريخيين على العبث بأمنه و استقراره.
أقدر ما يعانيه المجلس العسكري الحاكم في مصر من مصاعب و مشاق كثيرة في معالجة الأمور, فهم بين فكي الرحى, إما أن يضرب بيد من حديد و يعمل السلاح كلغة حوار بينه و بين من خرجوا عن الشرعية الإنسانية و عن القيم و الأعراف التي ينادي بها كل الأديان السماوية, فكل الأديان تنادي بالسلام و التسامح و قبول الآخر, و من ينظر في تاريخ الإسلام سيجد كيف كان تسامح رسول -الله صلى الله عليه و سلم- مع أصحاب الأديان الأخرى, فلم يأمر الإسلام بنبذ الآخر أو قتاله حال كان مسالماً متعايشاً راضياً بتقاسم الأرزاق تحت ظل الوطن الواحد.
أو يتعامل المجلس العسكري بعقل و حكمة حتى لا تنفلت الأمور أكثر, فمن ينظر للأمور يجدها مفجعة بكل معاني الكلمة, و لكنها بميزان الكوارث التي يمكن أن تحدث لا يتعدى كونه شغباً محدودا.
نعم الأمور ما تزال تحت سيطرة الأمه, الجماهير التي خرجت تنادي بالحرية لا يمكنها أن تتنازل بهذه السهولة و ترضخ لهؤلاء الذين يريدونها خرابا, لا أستبعد فكرة المؤامرة, نعم فهناك المتربصون الذين لا يريدون الاستقرار لهذا الوطن, فاستقراره يؤلب الكثير من المشاكل لأنظمة بعينها و حكومات بكاملها, فمن يرفض الحوار المستنير و يلجأ للقوة لا يمكن أن يرضى, و المغتصب لأرض الغير لا يمكنه أن يرضى, و إلّا تعرّى هؤلاء تماماً أمام شعوبهم و لفقدوا مصداقيتهم – المشبوهة- مع أنفسهم, فللضلال منطق أيضاً, و لا أستبعد أيضاً التواطؤ الداخلي من فئة لا تريد هي أيضاً الخير لهذا الوطن, و للأسف هم من أبناء الوطن, و لكن يمكن أن يكون لك ولدان أحدهما مخلصا و آخر عاقا.
فطريقة تعاطي الجيش مع الأمور في هذه المرحلة تنم عن حكمة و ممارسة سياسية شديدة الحكمة, فمعلوم عن الجيوش الوطنية عقيدتها القوية في كيفية الحفاظ على تماسك الوطن داخلياً و حماية حدوده الخارجية.
هذا ما فعله الجيش المصري طوال تاريخه, و إني لأتعجب ممن يثيرون المشاكل المفتعلة مع الجيش و يستثيرونه ضد الشعب, و هي بالتأكيد آخر ورقة يمكن أن تسقط من حسابات الجيش, أن يستثار ضد شعبه الذي خرج منه و المنوط بتأمينه داخليا و خارجيا بكل أطيافه و اتجاهاته و دياناته.
ما يحدث حقاً عرض زائل, أثق أنه عرض زائل, فالتاريخ يشهد لهذا الوطن بالتماسك الدائم, ثم هذا الوطن محفوظ بحفظ الله, و ما كان ليضيعه ثقة في الله أنه أراد لهذا الوطن خيرا, و ما يحدث الآن إلا تمحيص لإرادتنا في التغيير و هو سنة إلاهية و حبذا لو كان هذا التغيير للأفضل, فكلي ثقة في تجاوز هذا العرض و الوصول لما نبتغيه بفضل من الله و منّة.
أحمد كمال نجم الدين 15/5/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق