الأحد، 15 مايو 2011

نظرة قريبة للجرح

الجيش-المصريلا أقل احباطاً ما أحسست به و أنا أشاهد ما يحدث في وطني هذه الأيام, بل أسميه جزعا و هلعا و خوف شديد من احتراق الوطن.

تجرأ على مقام الوطن سفهاء رباهم زبانية الشر, بل و أنفق عليهم من أموال الشعب المسالم المحب للحضارة, العاشق لتراب هذا الوطن, كما سمح هؤلاء الزبانية بأن يتجرأ أعداء الوطن التاريخيين على العبث بأمنه و استقراره.

أقدر ما يعانيه المجلس العسكري الحاكم في مصر من مصاعب و مشاق كثيرة في معالجة الأمور, فهم بين فكي الرحى, إما أن يضرب بيد من حديد و يعمل السلاح كلغة حوار بينه و بين من خرجوا عن الشرعية الإنسانية و عن القيم و الأعراف التي ينادي بها كل الأديان السماوية, فكل الأديان تنادي بالسلام و التسامح و قبول الآخر, و من ينظر في تاريخ الإسلام سيجد كيف كان تسامح رسول -الله صلى الله عليه و سلم- مع أصحاب الأديان الأخرى, فلم يأمر الإسلام بنبذ الآخر أو قتاله حال كان مسالماً متعايشاً راضياً بتقاسم الأرزاق تحت ظل الوطن الواحد.

أو يتعامل المجلس العسكري بعقل و حكمة حتى لا تنفلت الأمور أكثر, فمن ينظر للأمور يجدها مفجعة بكل معاني الكلمة, و لكنها بميزان الكوارث التي يمكن أن تحدث لا يتعدى كونه شغباً محدودا.

الأمر مازال تحت السيطرة إذن.الجيش المصري

نعم الأمور ما تزال تحت سيطرة الأمه, الجماهير التي خرجت تنادي بالحرية لا يمكنها أن تتنازل بهذه السهولة و ترضخ لهؤلاء الذين يريدونها خرابا, لا أستبعد فكرة المؤامرة, نعم فهناك المتربصون الذين لا يريدون الاستقرار لهذا الوطن, فاستقراره يؤلب الكثير من المشاكل لأنظمة بعينها و حكومات بكاملها, فمن يرفض الحوار المستنير و يلجأ للقوة لا يمكن أن يرضى, و المغتصب لأرض الغير لا يمكنه أن يرضى, و إلّا تعرّى هؤلاء تماماً أمام شعوبهم و لفقدوا مصداقيتهم – المشبوهة- مع أنفسهم, فللضلال منطق أيضاً, و لا أستبعد أيضاً التواطؤ الداخلي من فئة لا تريد هي أيضاً الخير لهذا الوطن, و للأسف هم من أبناء الوطن, و لكن يمكن أن يكون لك ولدان أحدهما مخلصا و آخر عاقا.

فطريقة تعاطي الجيش مع الأمور في هذه المرحلة تنم عن حكمة و ممارسة سياسية شديدة الحكمة, فمعلوم عن الجيوش الوطنية عقيدتها القوية في كيفية الحفاظ على تماسك الوطن داخلياً و حماية حدوده الخارجية.

هذا ما فعله الجيش المصري طوال تاريخه, و إني لأتعجب ممن يثيرون المشاكل المفتعلة مع الجيش و يستثيرونه ضد الشعب, و هي بالتأكيد آخر ورقة يمكن أن تسقط من حسابات الجيش, أن يستثار ضد شعبه الذي خرج منه و المنوط بتأمينه داخليا و خارجيا بكل أطيافه و اتجاهاته و دياناته.

ما يحدث حقاً عرض زائل, أثق أنه عرض زائل, فالتاريخ يشهد لهذا الوطن بالتماسك الدائم, ثم هذا الوطن محفوظ بحفظ الله, و ما كان ليضيعه ثقة في الله أنه أراد لهذا الوطن خيرا, و ما يحدث الآن إلا تمحيص لإرادتنا في التغيير و هو سنة إلاهية و حبذا لو كان هذا التغيير للأفضل, فكلي ثقة في تجاوز هذا العرض و الوصول لما نبتغيه بفضل من الله و منّة.

أحمد كمال نجم الدين 15/5/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق