الأحد، 1 مايو 2011

متى استعبد هؤلاء الشعوب و قد خلقهم الله أحرارا؟

حرية

يصيبني الذهول أحيانا و الدهشة أحيانا أخرى عند متابعة أخبار الثورات الشعبية شرقا و غربا

تفننت الأجهزة الحكومية في كل الدول –من نجح فيها الثورة و من لم ينجح بعد- في التعتيم على ما يحدث على أراضيها من هبة شعبية تنتشر بين الجموع الغاضبة الطامحة للحرية, ففي تونس –وهي مهد أول الثورات في ربيع الثورات العربية- ظللنا نلهث حتى نستخلص الحقيقة و المعلومة من هنا و هناك, و لمّا لم نجد مصدر عربي حر يستطيع أن يشبع نهمنا للحقيقة ظللنا نبحث بين المواقع الأجنبية و حتى مواقع الأعداء لنعرف الحقيقة, هذه هي الحقيقة للأسف, فكل المصادر العربية كانت تشبه بعضها و كأنهم اتفقوا أخيرا على شيء واحد, و هو استكمال مسيرة التعتيم المنظمة على عقولنا التواقة للتحرر.images

و في مصر ظهر جليا الجريمة المنظمة للإعلام المصري المسيّر من النظام الفاسد, الذي كان كل همه إثبات أن الحقيقة لا يمكن أن تكون إلا من خلالهم, بل الأحرى أن نقول هو امتداد لمسلسل طويل امتد عقوداً في محو عقول المصريين بشكل منظم و ممنهج, بل و وصل بهم الحال إلى التحريض على القتل كأن من ينادي بالحرية هو عدو للوطن, و من يأمر بقتل الجموع المحتشدة بمئات الآلاف بل بالملايين هو مخلصهم من آلامهم و هو الهادي إلى سواء السبيل, و ياليته اكتفى بهذا بل سلط الجميع على الجميع ليعج المشهد بالهرج و المرج, كأن رأس النظام المتأله يقول للجميع هذا هو عقابي أنزله عليكم لأنكم تجرأتم على شق عصا الطاعة.

و يتكرر المشهد مرة أخرى, فلا ضير فكل الأنظمة شربت من نفس المعين, استعذبوا دماء أهلهم و بعدما قتلوا الحرية في القلوب و النفوس فلا مانع لديهم أن يقتلوا الأجساد أيضا, و ليموتوا جميعا ليعيش هو.

و في ليبيا ما أن تفجرت في القلوب شهوة الحرية حتى قابلهم الطاغية بالقتل المباشر, و بأشد آلات الحرب و لم يمهلهم حتى لنقل موتاهم و تطبيب جرحاهم, و تخضب التراب الليبي بدماء الأحرار, كل ذنبهم أنهم قالوا لا لمن لا يعى معناها, لا يعى إلا الغطرسة و حب الذات لدرجة أن الأرواح و النفوس التي أزهقت لا تعنيه في شيء, و عجبا ما حدث عندما أذاقه الله من نفس الكأس ظل يعوي على من قتل و يقول ظلمنا قتلونا, و هو من استعدى العالم كله عليه, و مع مرور الوقت ظن أن الأمر قد أخذ صبغته التي أرادها, و أوهم الدنيا أنه المظلوم و أن من قالوا لا هم الظلمة الجائرون, عجباً فكلهم سواء, يشبهون بعضهم البعض, من أجل المال و السلطان مستعدون للقتل و سفك الدماء حتى يرتوي و ياليته يرتوي.

و في اليمن يلعب الطاغية لعبة أخرى أشد تعقيدا, يهادن ثم يضرب, يهادن ثم يكذب, كر و فر و حرب أعصاب و استقطاب لقوى ليست هي من أشعلت الفتيل حتى يكتسب بها شرعية الحوار مع أنهم جميعا يفقدون شرعيتهم كحكام عند أول طلقة غادرة تستقر في صدر عار لا يبغي إلا الحرية.

و في سوريا…..و في البحرين

و الحلقات متصلة, و لن تنتهى القصة إلا و الشعوب تحكم نفسها بلا وصاية أو ذل لأحد, ستحكم الشعوب نفسها لأن هذا هو الحق, فمتى استعبد هؤلاء الشعوب و قد خلقهم الله أحرارا.

أحمد كمال نجم الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق