الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

الأشعة الذهبية

نشرت الشمس أشعتها الذهبية على جنتي في صباح يوم عليل من أيام الربيع, انتفض قلبي يلملم أوراق عذاباته ليحرقها في بوتقة اليوم الجديد, أغلق أبوابه دون أيام متخمة بعيون عابسة, و قلوب حجرية, و أنفس اهتزت في نيران متأججة تلتهم كل ما يقابلها كما تسري النار في الهشيم, ترقص على أشلاءٍ أضناها طول العذاب, و الأمل في المستحيل الذي يضيء في الأفق للحظات ثم يختفي, كلما ازداد إيقاع الرقص على نغمات حزينة مهمومة تحمل أوزاراً على عاتقها, و تسير إلى ما لا نهاية, و أنفس أخرى عذبت نفسها بنفسها و احترقت على علم عندها تُظهر ما يريده الآخرون و تُبطن غير ذلك.أما هذا القلب الذي ينتفض بين أضلعي, هذا الحائر يريد أن يصفع أبواب اليأس في وجه ذلك العبوس الذي يلاحقه, يريد أن يصهر ما في القلوب من حديد أو صخر أو حقد أسودا, أراد أن يلبس ثياباً جديدة مرصعة بنجوم تتلألأ كأنها حبات الألماس, يدفئ روحه تحت الأشعة الذهبية التي سطعت من جديد, كان متلهفاً على زهرة برية تنبت في جنته التي زرعها و انتظر طويلا حتى ازدهرت أخيراً, و أيقن بعد طول انتظار أنه يزرع في أرض تنبت بعد الصبر-بالماء و الحب و كثير من العطاء- تنبت أزهار الحب في تلك الرياض التي تحتضن القلوب الجريحة الكسيرة.

الحمامات البيضاء

كان يختار الحمامات البيضاء ليذبحهن بلا رحمة.
لم يكتف بواحدة و لا عشرة بل راح يطوي الأرض تحت قدميه كالمجنون بحثاً.
يطلب المزيد من الحمامات البيضاء.
ما اكتفى المجنون بهذا.
فبعد أن انتهى من ذبح كل حمامات القرية و القرى من حولها.
تحول إلى كل شيء أخضر ليدمره...هدم كل بنيان......و دهم كل ما زرعوه.
حاولوا استيقافه ليسألوه و لكنه كان كقطار فقد مكابحه تزداد سرعته كلما حاولوا إيقافه.
لم يكن يستمع لأحد, حتى اكتشفوا أنه وُلد و بأذنيه صمم.
هل يعقل أن يكون قد وُلد أم نبت من أرض سقوها بالدماء.
لابد أن يكون أبوه هو الجالس أمام البحر نصفه في الشمس و نصفه الآخر في الظل.
العجيب أنه كان يلبس ثوباً أبيضا, كان أبيضا, و مع مرور الوقت و الذبح أصبح بلون الدم مشبع بلون الأرض المغتصبه.
ظل على هذه الحال عشرون عاماً, يعيث في الأرض الفساد, يقتل , يدمر, يقتلع الزرع و البنيان, و الإنسان
لم يهبوا لقتاله, اكتفوا بمص الشفاه حسرة على الأمجاد.
عملاق هو إذن؟
لا بل قزم لا يتعدى طوله المتر, تسكن جسده أرواح الشياطين.
تعجب العمالقة منه, كيف استطاع أن يتعملق, و يطاول البنيان.
يقتلعهم من جذورهم و هم صامتون...خائفون....مشتتون.
رضعوا الجبن مع اللبن من أثداء أمهاتهم.
قرية...قريتان....عشرة...لم يُعلم عدد القرى التى داسها المجنون في طريقه لتحقيق أمجاد أجداده.
و فجأة....
نصّب المجنون نفسه حاكما.
و لمّا كانت الأصوات قد قُتلت في الحناجر, لم يجد من يعترض.
استسلموا في هوان عجيب.
يدعون عليه أن تسقط السماء عليه كسفا.
أو تنشق الأرض من تحته تبتلعه.
و لكن هل يتحقق الحلم بمجرد أن نحلمه؟
قرر المجنون أن يضرب سور الهوان حول القرى.
أمر جلاديه أن يخرجوا من تبقى مطرودا.
لم ينطق أحد.....لم يعترضوا.
فروا هاربين أمام سطوته
ظل المجنون يقتل حتى أصبحت كل الساحات بركاً من الدم المنتن.
هربوا....قالوا لن نستطيع تحمل الرائحة.
مع أنهم قد استبدلوا أنوفهم بأخرى من حجر.
بقي المجنون و جنوده يضحكون.
زلزلوا بضحكاتهم كل الأركان, حتى تساقط ما تبقى من قوة الضحكات.
و نودي في الأنحاء:
ألا من معترض....
لم يعد من النداء إلا الصدى.
كل القرى قد ماتت....أصبحت قرى تسكنها الأشباح
لم يعجب المجنون هذا فخرج يطارد فلول من طردوا.
و لكنهم كانوا قد اختفوا.....
إحتضنتهم الجبال داخل أرحامها لتلدهم بعد أن يتموا عدتهم.
عمالقة........رجل واحد.
و تمر الأيام و هو حاكم على الأشباح الذين جلبهم ليسكنوا القرى
و ذات صباح
أشرقت الشمس مبكرة عن موعدها.
تعجب المجنون.....
لم يحدث عبر ملايين السنين أن أشرقت الشمس مبكرة عن موعدها
اختل إذن النظام
هكذا هيأ له خياله المريض.
مرت اللحظات عليه ثقيلة
نظر إلى جلاديه يستحثهم الإجابة
و فجأة كسر الباب الرئيسئ لقصره
جحافل العمالقه تزمجر
يحملون سيوفاً صنعوها من ضوء الشمس
تجمعت أشعة الشمس بعد انعكاسها على السيوف
انطلقت نحو عيني المجنون, فسقطتا
حاول المجنون إعادتهما مكانهما
لكن كانت كل السيوف قد تجمعت و صنعت سيفا واحدا
عاجلوه بضربة واحدة فنزف قيحا
ثم سقط على الأرض فانشقت و ابتلعته مرحبة
انطبقت عليه تعتصره فصرخ صرخة خلعت لها القلوب
انتهى الجنون و حان وقت العقول
أنشأ المحررين قرية جديدة
بنوا منازلها و دهنوا جدرانها بالبياض
و أعلى كل بيت برج حمام
كل حماماته بيضاء
---------------------
تعالوا نحقق حلمنا بلقمة خبز نقتسمها سويا و نأكلها في وقت واحد.
لقمة نجلب لها القمح و نرويه بماء الحرية بعد أن نزرعه في قلوبنا.
وقتها ستمحو ما خلّفه الجبن من أدران و تغسل جوفنا.
تابعوا المزيد في مدونتي قصص قصيرة

إنتظار

اليوم أريد أن أطير, يتملكني شعور طاغٍ بالسعادة المحفوفة بالحذر, اليوم صافحت عيناي سطور رسالتها التي انتظرتها طويلا, إنها هناك خلف الأسوار تنتظر, و أنا هنا بين النيران أكتوي, لا أستطيع أن ألمسها, أن أراها, أن أشم عبقها, لا أستطيع سوى الإنتظار و الإنتظار.......
تتنازعني أخلاط مشاعر لا أعرف عددها, سعادة...خوف...حذر...لا أدري, كل ما أعلمه أنه كلما ضاقت علي الدنيا أجدها تلوح لي براية السلام و الحب, تطمئنني على قلبي الذي يؤلمني كثيراً لبعدها, و لكني لا أملك سوى الإنتظار.

الخميس، 26 أغسطس 2010

نهاية الطريق

سقطت ورقة صفراء من تلك الشجرة العجوز المتاخمة لشباك غرفتي, تحسست رأسي و تجاعيد وجهي- الذي أصبح كمغارات في جبل أصم- نظرت في مرآة عمري؛ فرأيت البياض يكسو تاجي – كما كانوا يسمونه أيام عنفواني, عندما سقطت تلك الورقة أحسست أن العمر قد قارب على إغلاق آخر صفحاته التي بين الخريف و الشتاء القاتل, سُجنت روحي عمراً في صندوق صغير, لم تُفلح محاولاتي في فتحه, كما لم تفلح المساحيق و أدوات الزينة في فرض الحقيقة الزائفة على العيون المتلصصة التي تخترق عظامي, عشت دهراً داخل هذا الصندوق بغير جلد, فقط غشاء مزيف يلون وجهي و شعري الذي هو تاجي, و بعد أن تنازلت عن عرشي لبنيتي, ها هي تتنكر لي, تخجل لمجرد ذكر اسمي, فأنا لم أعلمها – أو لم يكن عندي الوقت- أن تنتمي إليّ, فانتمت إلى العرش الذي تنازلت لها عنه, و ذلك لأنني كنت مشغولة طوال الوقت بجلدي أحاول تنظيفه من أدران علقت به رغماً عني-أو برضائي.......أدران لا يمحها انسكاب العمر كله عبرات, و في نهاية الطريق يقترب هذا الشبح الأسود كلما ازداد عدد الوريقات الصفراء التي تتساقط من تلك الشجرة العجوز المتاخمة لشباك غرفتي.

الأربعاء، 18 أغسطس 2010

قدرهما

اشراقةٌ  للشمس في قلب الليل، أضاءت كل الكون، نظرة فابتسامة فحب وغرام، هكذا بدأنا، ولكن كيف النهاية؟ كيف تكون؟

ظلت هذه الأسئلة تتكاثر وتحوم حول رأسيهما حتى أوشكت على قتل الضياء....في قلب الليل النابض باسميهما، جمعهما هذا الساحر الذي تسلل بين الشرايين والأوردة حتى أصبحا مزيجا.....عيناها.. شفتاها...هالتها...كل ما ينتمي لها ينطق، حروف تناثرت و جمل تسابقت للفوز بشرف الفوز بلمس لسانها و شفتاها، هذه هي...

منذ التقينا ولا أدري ما شدني إليها، حاولت اكتشاف السر، ولكنها لم تبح به، آثرت أن ترى ما ستجود به الروح منه، حتى أصبح شلالاً لا يستطيع أن يوقفه،  وهي تحت هذا الفرح الغامر لم تملك إلا أن تذعن لأمر الحب، نعم صادف ميلها للتحرر من قيد لا تراه، صادف ميله للتحرر من قيد لا يراه، تحطمت تحت عجلاته المندفعة بلا هوادة كل الأسوار..كل القيود..كل ما يتشدق به المتكلمون، نعم صادف أن كان هذا هو قدرهما.