الأربعاء، 12 يناير 2011

شعاع الأمل (قصة قصيرة)

 

شعاع الأمل

تعبت من كثرة التساؤلات , كمٌ هائلٌ من علامات الاستفهام تحيط بعقلي , كيف السبيل إلى الخلاص من هذه القيود , أصبحت الأسئلة نيران تحرق , وأنا في رحلة الخلاص أتخبط , كلما قطعت شوطاً من الطريق أراه يبتعد أكثر فأكثر , ألتمس طوقاً للنجاة , طالت الرحلة , دامت أعواماً وسنيناً عجاف , كيف تسللت من بين أصابعي و وصلت بي إلى هنا ؟ لا أدري .... لكم أكره رحلتي كما أكره الرفيق, كنت أظنها عوارض سوف تزول مع النضج و الخبرة الحياتية, ولكنها كان تزداد تضييقاً للخناق حول عنقي, مازالت مصرة على قتلي, وطمس كل جميل في عيني.

السخرية المرة إنني أنا من أختار , كان اختياراً على هامش العقل , كأن الحياة أرادت أن تعاقبني وتمنحها , استمر العقاب وكفرت بالمنحة , داستها بكل قسوة كأنها تريد عقابي على منحتي , فأصبحت كل السبل مقطوعة إلا من سبيل واحد , هو سبيلها هي , هي التي تقرر متى تمنح , وهي أيضاً من يقرر متى تمنع , أصبحت كآلة تدور بالدفع الذاتي مقهورة على الدوران , لا تملك أن تتوقف متى تشاء , كم هائل من أساليب الدفع والطعن في صميم الكرامة , لتظل العجلة تدور بلا هوادة , بلا رحمة , بلا استراحة , حتى هذا التفاني مني غير محمود , بل لا يذكر في كل مقام إلا الهنات و الهفوات والزلات , يا لحزني الشديد يا لعميق أسفي على ما بذلته , و علي الدوران .

حتى أتاني شعاع من أمل يلمع في هذه الظلمة القاتلة , شعاع دل على شمس لا تغيب , نور بلا حر ولا هجير , تبعته كالغريق الذي يلتمس نجاة بعدما تجرع نصف المحيط , أوجعت ذراعي من ضرب الأمواج , وعند الشاطئ التقيته كان من اللمعان بشدة لم أعهدها من قبل , تجمد العقل للحظات ثم أفاق عليها , الشمس بجانب ضيائها لا تملك إلا أن تتوارى خجلة , مسحت على قلبي بلمستها الحانية فأزالت أدران كنت أظنها لا تزول , غسلته بماء طهور , وجدت نفسي أرتمي في أحضان قلبها الذي أتسع لكل آلامي , فتحت كل الأبواب على مصراعيها , لم تترك باباً موصداً في وجه تطلعات قلبي للحرية و الخلاص , الوجه الآخر لعملة أخرى لا تمت لعملاتي بصلة , صنف أخر من البشر لا يعرف إلا العطاء , لا يعرف ما يعرفه البشر , فلقد تجردت من كل ما يلبسه البشر من أقنعة زائفة , يبطنون السواد وينشق فمهم عن صفين من البياض الكاذب , قلوبهم تنطق بالمغالاة و الانغماس في الذاتية وحب الحياة العقيمة , تبادلنا النجوى على بعد مكانتها , تنازلت وقبلت قلبي ليتوج على عرشها أميرا , كنت أظن أن تلك المكانة ليست لي , فأنا ممزق فاقداً للمعالم والملامح , أعطتني هدية لم أطق صبراً حتى أعلم ما بها , قفزت بكل وجداني فوجدت كل ملامحي داخلها , كل ما فقدته طوال عمري وجدته عندها , لم أشكرها على هديتها فحسب , بل أعطيتها ما تبقى لدي من ملامح لتعيد رسم كياني من جديد , فلترسميه كما تحبين , فأنا من الساعة ملك اليمين , حانت ساعة توديع الأنين , أنا من الساعة أسير الحنين , والعيون النائمات في بحور العسل من الساعة ملاذي الأمين , القلب نسي الأوجاع التي طاردته عمرًا وكان داخلها سجين , اليوم للحرية دليل , الطيور مجبرات على نسيان ما تعلمته, فأنا أدعوها اليوم لتعلم الطيران , فلقد استحق القلب تلك المنحة التي طالما تمناها , لقد استحق القلب ذلك الملجأ الأخير لأحلامه , أنت فني وأحلامي ومنحة الأقدار لهذا القلب الجريح , ترياق لسموم الماضي البغيض , انه أنت الحاكمة بأمرك في شئون هذا الكيان المهدم , أنت منتهى الأمل في هذه الحياة , لعلها تمهلني لأرد إليك بعضاً من كثير عطاياك , ما أشعر به ليس حباً بل هو أعلى وأسمى وأغلى من الروح , آه لو تقبلين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق