كانت دائماً هناك, تحت الشجرة العتيقة الوارفة الظلال تجلس, تعبث بأوراق الشجرة التي سقطت بعصاة صغيرة تحركها بلا هدف, تظل لساعات قبل أن تنصرف, كنت أراها كل يوم في نفس الموعد, و تبقى لنفس العدد من الساعات, كنت أراقبها من بعيد و لم أجرؤ يوماً للتحدث معها أو سؤالها عن سبب مجيئها كل يوم, و لكني اليوم قررت أن أفعل, هممت بالتحرك نحوها, و لكن فجأة أحسست بيد تمنعني بأن أمسكت كتفي, استدرت فجأة و رأيته, شيخاً هرماً ذو لحية بيضاء, قال لي و لحيته تضطرب: لا تفعل, نظرت له ملياً و لم استطع الرد و رأيت في عينيه إصرار ألا أفعل, ثم عاد و كرر مقولته, فلم أملك لحظتها إلا أن أسأله: و لم؟ لم يرد عليّ و لكنه أعتق كتفي من قبضته و أدار ظهره و انصرف, تملكني الغضب و الفضول القاتل و تبعته أستصرخه أن يطفئ نار الفضول التي أشعلها , و لكنه لم يستجب....توقفت و لم استمر في ملاحقته و سألت نفسي سؤالاً صريحاً: و لماذا تريد أن تعرف؟ بحثت داخل نفسي عن إجابة و لكني لم أجد, ثم تنازلت عن فضولي و رمقتها بنظرة أخيرة فوجدتها تتأبط ذراع أحدهم و تنصرف معه في سعادة غامرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق