خرافات حول ثورة المختار
يخرج على شاشات التلفزيون أو في تحليلات صحفية بعض الأخوة الإعلاميون من المحسوبين على حركة التحرر العربي والإسلامي بمقولات لا تمت للحقيقة بأي صلة . ويطرحون شبهات حول ثورة المختار والتطورات التي حدثت .
بالطبع لا أتكلم عن أكاذيب إعلام القذافي . فهي كوميديا ولا تستحق أن يكلف احد نفسه بالرد عليه . وأنا متأكد أن أعلام القذافي موجه للقذافي نفسه بحيث يقنعه أن الشعب معه وأن الحاصل هي أزمة وستزول قريبا على طريقة "كله تمام يا باشا"
ولكن يسوئني وأنا أرى هؤلاء المحللون والمفكرون المتنورون أو من كنا نعدهم كذلك وهم يرددون شبهات لا تقف أمام أي تحليل منطقي وسأتعرض هنا لبعض هذه الشبهات التي انتشرت في بعض الوسائل الإعلامية . وهي تنشر إما على سبيل التشكيك في ثورة المختار آو لتبرير موقف القذافي وكتائبه آو للتعذر عن عدم الوقوف إلى جانب الثوار
والخرافات كثيرة والتشكيك أكثر ولكن سأرد على أهم هذه الخرافات وأبين أنها ابعد ما تكون عن الحقيقة وقد يصدق عليها تسمية "خرافات":-
1) الثورة الليبية هي تمرد مسلح وليس ثورة شعبية
هذه المقولة أما قفز على واقع الأمور, أو نظرة ضيقة لواقع الحال. فالتسلسل الزمني للثورة الليبية وواقع الحال في ليبيا, يثبت أن ثورة المختار هي ثورة سلمية وبامتياز.
خرج متظاهرون في بنغازي للمطالبة بإطلاق سراح محامي تم القبض عليه بدون وجه حق وبدون أي مسوغ . جابهتها الكتائب الأمنية بإطلاق النار الحي على المتظاهرين وقتل الكثير منهم .
بعض وحدات الجيش أنظمت للمتظاهرين. ولكن الجيش الليبي قد تم تهميشه ونزعت أسلحته ومن ناحية أخرى أعطيت الكتائب الأمنية كل الدعم سواء سلاح أو مادة أو صلاحيات مما يعني أن انضمام الجيش للمتظاهرين لم يكن ذا جدوى ولا وسيلة حماية لهم. حاول الجيش الليبي أن يفعل بالضبط كما فعل الجيش التونسي والجيش المصري الذي منع القمع الجائر للمتظاهرين, مما أجبر السلطة السياسية في تونس ومصر على التعامل سياسيا مع الجماهير دون اللجوء للقمع .
ولكن الجيش الليبي لا يملك هذه القدرة في مواجهة الكتائب الأمنية التي تغولت في ليبيا ,بالإضافة إلى أن قيادتها كانت مناطة بأبناء القذافي والمقربون من حاشيته , هذه الوحدات من الجيش الليبي أدركت أن لا وسيلة لحماية الشعب الليبي إلا باحتلال مقرات الكتائب والاستيلاء على أسلحتها . وهذا ما فعلوا. فبعض وحدات الجيش من قوات الصاعقة وبعض المتظاهرين استولوا على أسلحة الكتائب وتولوا حماية المتظاهرين . استجابت كل المدن الليبية من طرابلس والزاوية وزواره و مصراته و نالوت والقلعة . استجاب كل الليبيين من الشرق والغرب والجنوب . وقامت وحدات من الجيش والثوار المسلحين بحماية المتظاهرين السلميين . وما زلنا نرى المظاهرات السلمية في طبرق والبيضاء وبنغازي و مصراته ومدن الجبل الغربي . وتحت حماية الجيش الوطني , كما يقوم الجيش الوطني بالتعاون مع بعض الثوار بحماية المدن والقرى وساكنيها , وهكذا نجد أن الثورة الليبية قامت بإعادة الاعتبار للجيش الليبي وللشعب الليبي . بهذا تكون ثورة المختار امتازت عن ثورتي تونس ومصر في أنها فعّلّت الدور الحقيقي للجيش الوطني ألا وهو حماية الوطن والمواطن .
قد يكون عدد أفراد الجيش الوطني الليبي الحر لا يزيد عن 5000 مقاتل . وهم من يحمل السلاح ولكن الآلاف وملايين الشعب المسالم الثائر هم أصحاب الثورة الحقيقيون .
فلا أظن الادعاء أن ثورة المختار هي ثورة مسلحة صحيحا . بل هي ثورة سلمية تحت حماية الجيش الوطني الليبي ووحدات الثورة المسلحة وهي تقوم بحماية البلد من كتائب مجرمة تحرق الأخضر واليابس ؟
وأجمل ما في ثورة المختار إنها قامت بإعادة الاعتبار لليبيين وللجيش الليبي الذي غيبه القذافي عقود طويلة ودمره في حروب تشاد وأوغندا .
لا يجب أن نتناسى المتظاهرين السلميين في المدن الليبية ونتذكر فقط الحرب القائمة بين الجيش الليبي وكتائب القذافي التي تحاول قتل الشعب الليبي وتدمير مدنه.وان لا نعتبر أن الثائر هو الجيش الليبي الوطني . بل الثائر هو الشعب الليبي.
2) الثوار هم اللذين جلبوا التدخل الأجنبي.
أولا .هل التدخل الأجنبي جاء اعتباطا؟ لقد سعت الكثير من الدول , وخصوصا تركيا وألمانيا وروسيا والصين والهند بل وحتى الولايات المتحدة الأمريكية في وقت ما ا, إلى تأخير إقرار قرار حضر الطيران وحماية المدنيين إلى أقصى حد معقول ومقبول . وصدر القرار الأول من الأمم المتحدة برقم "1970" لا يتضمن التدخل العسكري بل يطلب من القذافي وقف العمليات ضد المدنيين مع تحويل الموضوع للمحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام فيها . . هذا القرار أعطى للنظام الليبي وللعقيد معمّر القذافي الفرصة لحل الأزمة.
فماذا كان رده؟
هل حاول نزع فتيل الأزمة الإنسانية " اكرر الإنسانية" ؟
هل استجاب لنداءات المؤتمر الأفريقي والمؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن ؟
الجواب الذي لا يستطيع احد أن ينكره هو "لا". ولم يقف عند ذلك بل زاد عتوا وزاد من ضربه للمدنيين . واستخدم أقوى الأسلحة الموجودة في ترسانته ومنها القصف الجوي في ضرب تجمعات بشرية ليبية وأرسل طائرات لضرب مدينة بنغازي , ولكن الله سلم , وفر الطيارون إلى مالطة هربا من أوامر سيد باب العزيزية. كما حرك أرتال قواته وبكل كثافة لضرب ثاني اكبر مدينة في ليبيا .
عندما اجتمع مجلس الأمن للمرة الثانية لمدارسة الشأن الليبي بطلب من جامعة الدول العربية (والتي تغيرت كثيرا عما نعرفه حيث أنها بدأت تأخذ دورا أكبر بعد زوال نظام مبارك) وبطلب من منظمة المؤتمر الإسلامي. خرج علينا القذافي يهدد بسحق كل مدينة خرجت ضده . وخرج علينا ابنه سيف الإسلام يقول للأعلام العالمي وبكل صفاقة you are too late " لقد تأخرتم" . وكانت قواته على أبواب بنغازي .
العالم الحر لا يمكن أن يرى مذبحة سربرنيتشا تتكرر مرة أخرى . وإذا تكررت فستكون سبة ووصمة عار في تاريخ العالم وخصوصا أننا في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرون . ولن تسكت شعوب العالم الحر أذا ما وقعت مذبحة في ليبيا تشبه مذابح راوندا مما سيتسبب في سقوط حكومات غربية كثيرة .
فكان لزاما على الدول القادرة في العالم على منع وقوع هذه المذبحة . ونلاحظ أن الرد جاء متأخرا ومترددا , أملا من العالم أن يعود القذافي إلى منطق العقل . ولكنه استمر في تعنته و دخلت طليعة ارتال كتائب القذافي بنغازي ,وعاثت فسادا وتدميرا في ضواحيها , وقتل ما يقارب من 200 قتيل ,وعدد كبير من الجرحى .إضافة إلى هدم وتدمير العديد من المباني . فكيف لو دخلت هذه القوات وبقية الأرتال إلى داخل مدينة بنغازي؟
أسأل كل معارض للعمليات الدولية ... ما هو البديل ؟. سمعت بعضهم يقول كان يجب أن تدخل جيوش عربية وآخرون يقترحون جيوش إسلامية . وهذه خيارات رومانسية وليست واقعية . كم كنت وما زلت أتمنى ان تفعل اتفاقيات الدفاع المشترك العربية وان تكون هنالك قوة على غرار قوات درع الجزيرة الخليجية تتدخل في الوقت المناسب لحماية مقدرات الدول العربية وشعوبها "وليس أنظمتها"عند تعرضها للخطر . ولكن أقول
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
المشاكل الإنسانية والكوارث القومية لا تحتاج إلى حلول رومانسية وأمنيات . أنما تحتاج إلى حلول واقعية وعلى هذا يحضنا ديننا فيقول المصطفي صلى الله عليه وسلم "أعقلها وتوكل".
ثانيا . نقطة أخرى تؤخذ على القذافي وسوء قراراته . فبالرغم من أن كتائبة تعرضت وما زالت تتعرض للقصف من قبل التحالف الدولي إلا انه مصرا على تدمير ليبيا وقتل الليبيين . ويبتدع أفكار جديدة لقتل الليبيين. فمن عربات دفع رباعي خفيفة , إلى قناصة على أسطح المباني , إلى جلب مرتزقة , إلى تسميم مصادر المياه , إلى استخدام قنابل عنقودية , إلى قصف المدن عشوائيا بالصواريخ القريبة والمتوسطة المدى , إلى استخدام الهاون للقصف على المدن , الى حصار خانق ومنع المؤن الطبية والغذائية والماء والكهرباء والاتصالات , وتسليط أعلامه للحث على الفتنة الداخلية , وحث الليبيين على قتل بعضهم البعض وتحرض المدن على الاقتتال فيما بينها .......
فهل هذه تصرفات من يريد حل الأزمة ؟
كان الحل بسيطا جدا لنزع فتيل الأزمة. الم يمكنه سحب قواته من المدن وفك الحصار عنها وترك الشعب الذي يدعّي أن أكثره يناصره يختار هل هو معه أم ضده ؟
خرج ابنه سيف يطلب من الثوار الجلوس معه على طاولة المفاوضات وطرح دستور جديد وعلم جديد , ولكن في نفس الوقت كانت قواته تضرب المدنيين في كل مدن ليبيا . وخرج بعده أبوه يهدد ب زنقة زنقة ودار دار ... فمن نصدق .. الأب أم الابن.
وهكذا فأن الذي دعا العالم للتدخل هو القذافي وحاشيته وسوء تصرفه, وجرائمه ضد شعبه وكذب تصريحاته المرة تلو المرة بوقف العمليات العسكرية بينما هو مستمر بها . وليس الشعب الليبي الذي خرج يطالب بأبسط المطالب والحقوق الإنسانية . الشعب الليبي يطلب ان يعيش في دوله لها دستور ونظام وقانون وأن تحترم الحقوق الأساسية للإنسان, وأن تستخدم الثروة الليبية في صالح الشعب الليبي ورفاهيته لا أن يجبر على العيش في حوش غنم (أكرمكم الله) يفعل فيه مالكه ما شاء .
وخلاصة القول إن رعونة القذافي وسوء قراراته هي التي دعت العالم بكل هيئاته إلى التدخل وليس الشعب الذي ثار ليطالب بحقوقه كإنسان . وعدم تجاوب القذافي مع مطالب شعبه واستمراره في غيه هو السبب في استمرار الضربات واستمرار معاناة الأبرياء في شرق وغرب وجنوب ليبيا .
3) الخوف من تكرار الحالة العراقية
الحالة العراقية تتلخص في أن رئيسا عربيا احتل دولة عربية أخرى . فتنادى العالم ليعيد الشرعية لهذا الدولة التي هي عضو في الجامعة العربية والأمم المتحدة وحتى العراق كان قد اعترف بها و بينهما تبادل سفراء واتفاقيات دولية , تم إخراج الغازي . وفي نفس الوقت كان الغازي يملك أسلحة دمار شامل مما استوجب على العالم التخلص من هذه الأسلحة وفي نفس هذا الوقت قام باستخدام الطائرات لضرب معارضيه, فقام العالم بفرض منطقة حضر جوي فوق مناطق المعارضة . ولكن المعارضة لم تنجح في التخلص من سلطته .
بدأ الخطأ في العراق عندما استغل المحافظون الجدد الحاكمون في الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الوقت باستغلال مقولة "أسلحة الدمار الشامل" باحتلال العراق وبتشجيع من أحزاب معارضة عراقية الجنسية وإيرانية الهوى والتوجه. بعد الاحتلال الأمريكي وبعد أن تولت الأحزاب الإيرانية مقاليد الحكم في العراق. دخلت في الفتن الطائفية والاقتتال الداخلي بين العراقي والكردي والإيراني بعضها قتال سياسي وأكثرها قتال حقيقي.
فما وجه التشابه بين ما حدث في العراق وما يحدث في ليبيا ؟ عملية الحظر الجوي
هي وجه الشبه الوحيد . وليس هنالك أي وجه شبه آخر . فلا توجد أحزاب معارضة
في ليبيا مدعومة من دولة أخرى لها مطامع في ليبيا . الشعب الليبي يرفض أن يطأ أي جندي قتالي ارض ليبيا بينما كان هذا ما طالبت به المعارضة العراقية في الخارج . فهي التي دعت ودعمت دخول الجيوش الغربية ارض العراق . الشعب الليبي يقاتل بما تتوفر لديه من أسلحة قديمة بل ويقومون بصيانة أسلحة قديمة في المخازن التي تركتها كتائب القذافي . وما زال يقاتل ويحقق الانتصارات على جميع الجبهات مع أن الدول المصدرة للسلاح تمتنع عن تسليحه . فهل هناك وجه شبه بين العراق وليبيا؟؟
لا الظروف الداخلية ولا الخارجية ولا الوضع الدولي من النواحي الاقتصادية والمالية والسياسية, تسمح بتكرار الحالة العراقية مرة أخرى . والكل يعلم ذلك أنما هي شبهات تثار مرة بحسن نية ومرات بسوء نية . فلا يوجد أي وجه شبه بين الحالتين. فليس كل عين دمعت مصابة بالرمد . وقد يشابه عرض واحد في حالة عرض في حالة أخرى ولكن لا يجوز التغافل عن مجمل الأعراض والمظاهر والتركيز على هذا العرض ثم سحب نتائج الحالة بكاملها على الحالة الأخرى .
4) الخوف من عودة الاستعمار
أغرب خرافة يتناقلها بعض المحللين . ونسوا أن القذافي نفسه رد عليها في أحد خطبه , إذا قال إن عصر الاستعمار قد ولّى إلى غير رجعة . فكيف ينبعث ميت ويعود من ولّى ؟
الظروف الدولية لا تسمح أبدا بعودة الاستعمار. فالوعي الجماهيري ووسائل الاتصال وتحول العالم الى قرية صغيرة لا تسمح لأي دولة استعمار أخرى ,
وها هي أمريكا تحاول الخروج من أفغانستان والعراق . فكفى نفخا في جثة ميتة . لن يعود الاستعمار أبدا . إلا إذا أعدنا عقارب الساعة إلى القرن التاسع عشر .
هل يرضى ثائر على مستعمر ظالم من الداخل فيقبل بمستعمر من الخارج ؟
هل يقبل من ضحى بدمه من اجل حريته أن يستعبد أو يستعمر أخرى؟
هذه الثورات قامت بها الشعوب تطلب حريتها وكرامتها فهل ستقبل بتبديل مستعمر بمستعمر وناهب للثروات بناهب آخر وسارق بسارق ؟.
إن من يقول هذا يهين الشعب الليبي فالشعب الذي واجه اعتي الأسلحة بصدر عاري وببنادق صيد في أحسن الأحوال , مثل ما يقوم أبطال جبل نفوسه والجبل الغربي . فهذا الشعب ذو التاريخ العريق في مكافحة المحتل وله المقولة التي ما زال صداها يتردد في جوانب الأرض (نحن لا نستسلم إما أن ننتصر أو أن نموت) هل سيقبل بالاستعمار؟ .
كفاكم استخفافا بالمارد الليبي .
5) المؤامرات الخارجية
هذه اغرب الأوهام التي يبثها الأعلام الرسمي في جميع الدول ذات الأنظمة الاستبدادية . قالها بن علي تونس ومبارك مصر ويقولها على صالح اليمن وبشار سوريا . ولكن الأغرب أن يقولها مدافعون عن نظام معمر القذافي. فالكل يعلم أن القذافي انبطح للغرب انبطاحا تاما بعد القبض على صدام حسين . ولا حاجة للغرب في أن يتآمر على نظام تابع لهم تبعية تامة , حتى انه خسر الملايين على شركات علاقات عامة من اجل تبييض صفحته في الغرب . والمضحك أكثر هو دمج الأضداد في مؤامرة واحدة فالمؤامرة غربية أمريكية عربية بالاشتراك مع الإخوان المسلمين والسلفيين والقاعدة. فأي عاقل يقبل هذه المقولة التي اقرب إلى "سمك لبن تمرهندي" منها إلى تحليل سياسي وموضوعي لدوافع الثورة الليبية.
ثم كيف تكون الثورة مؤامرة ويقوم بها الآلاف وملايين الشعب . هل هي مؤامرة من أجل أن تنال جموع المواطنين حريتهم وكرامتهم وثروتهم ؟ الثورة قامت من اجل هذه الشعارات ومن أجل نيل الحقوق. فكيف تكون مؤامرة؟؟
اعرف أن المؤامرات تحاك في الخفاء ويقوم بها أفراد قلائل . واقرب مثال لها هو الانقلاب الذي قام به القذافي على الدولة الشرعية في ليبيا , دولة الدستور والقانون . أما أن تشترك جموع الشعب في مؤامرة .... فقضية فيها نظر. ولا يقبل بهذه المقولة عاقل .
قد نقول أن بعض الأشخاص قد يحيك مؤامرة على الثورة . لأن الثورة حق شعبي خالص . ولكن وعي الشعوب لن يترك لهذه المؤامرات أن تنضج ولنا في مقاومة الشعبين المصري والتونسي المستمرة للقضاء على المؤامرات التي تحاك للالتفاف على ثورتهم وحقوقهم .
عندما يصحوا مارد الشعوب تنتهي جميع المؤامرات , ولنا في صدر الإسلام مثال . فعندما استفاق الشعب في المدينة قضى على كل المؤامرات سواء التي قام بها جيرانهم اليهود أو الطابور الخامس وهم المنافقين أو أعدائهم من القبائل الكافرة. يجب أن نثق بالشعب فلا تجتمع الأمة على ضلال أبدا . أما من لا يثق بالأمة فهذا يجب أن يراجع حساباته .
6) الغرب يقاتل من اجل مصالحه
دعونا ننظر أولا . هل كان القذافي يهدد مصالح الغرب ؟ بالطبع لا . كانت الشركات الغربية تتولى استكشاف وإنتاج وتصدير النفط . و موارد النفط تذهب إلى مصارفهم لاستثمارها في بلدانهم . وهكذا كان الغرب هو المستفيد الأول من نظام القذافي . ومن المستحيل أن يتخلى عنه بسهولة وبسرعة .
ولكن بعد نجاح الثورة الشعبية التونسية والمصرية . أيقن الغرب إن مصالحه مع القذافي قد انتهت , ولا يمكن أن تستمر . ليس لأنه كاره للقذافي . بل أجبر على التخلي عنه بطريقة "مجبر أخاك لا بطل" . فالثورة الليبية ستنجح , وسيحصل الليبيون على حريتهم وسيطيحون بنظام القذافي . ولكن ستكون التكلفة البشرية عالية وقد تتحول ليبيا إلى صومال جديد, يسود فيه العنف والعنف المضاد . وليبيا على الضفة المقابلة لهم , فلا يمكن أن يرضوا بذلك . من هنا جاء القرار . القرار بأن يقفوا إلى جانب الشعب وليس إلى جانب الدكتاتور . لأن الشعب باق والدكتاتور زائل .
إذن الغرب يحارب من اجل مصالحه على المدى البعيد وليس على المدى القريب . ويضحون بالقذافي الذي يمثل مصالحهم على المدى القريب , لأنهم على ثقة بزواله .
وبعد نجاح الثورة بأذن الله ستستقر ليبيا وستزدهر وسيحافظ الشعب على مصالحه الوطنية وسيعمل الغرب على عقد اتفاقيات شراكه يحصل فيها كلاّ الطرفان على حقوقهما . فليبيا يجب أن تنتج وتبيع النفط والغاز سواء قام بها القذافي ام النظام الوطني القادم , ولكن الفرق هو أين ستذهب عائدات البترول ؟... هل ستصرف على ليبيا والليبيون؟ أم على أهواء حاكم متهور وأفراد عائلته وزبانيته ؟... أذن الغرب يضحي بمصالحه وهو يحارب القذافي . هذه التضحية مجبر على دفعها لأن منطق الأمور ان الشعوب دائما هي التي تنتصر في النهاية , ويحب العالم كله بما فيه الغرب أن يكون مع الطرف الرابح حتى وأن خسر بعض مصالحه.
7) مطامع بعض الأشخاص في السلطة
وهذه أيضا يردّ عليها بأبسط الردود . اذ أعلن المجلس الوطني الانتقالي أن جميع أعضاءه لن يترشحوا لأي مناصب في الدولة الجديدة الناشئة . وسيسلمون السلطة لأول هيئة تنتخب بعد إزالة القذافي .
إذن من الذي يحارب من اجل السلطة . هل هم المجلس الانتقالي ام القذافي وأبناءه وحاشيته ؟
فبالله عليكم كيف تفكرون ؟؟؟
8) لماذا لم يتدخل الغرب في غزة كما تدخل في ليبيا؟
هذا خلط للأوراق غريب . ويذكرني بحكاية البخيل الذي يلوم شخصا على إطعامه أسرة فقيرة واحده ولماذا لا يطعم بقية الأسر الفقيرة الأخرى. متناسيا محدودية قدرة هذا الشخص . فالساسة الأمريكيون محدودي الحركة . وحتى إن رغبوا في مساعدة إخواننا في غزة (وقلوبنا معهم) فاللوبي الصهيوني ومنظمة الأيباك IPAC وهي من أقوى جماعات الضغط في أمريكا تقف حائلا دون ذلك . وحرب غزة هي حرب بين الفلسطينيون وجماعات الضغط الصهيونية ولا يمكن لأي سياسي أمريكي أن يخاطر بمعاداة هذه المجموعات فحينها سيخسر مستقبله السياسي ولا ننسى أن غزة باعها نظام مبارك قبل أن تبيعها الدول الأخرى ..
بقى علينا نحن الدول الإسلامية والعربية كشعوب أن نبني جمعيات ضغط توازي أو تزيد على قوة الأيباك . ولن يحصل هذا والشعوب العربية ترزح تحت أنظمة قمعية توجه أسلحتها نحو شعوبها وليس نحو عدوها . تستمد شرعيتها من الخوف والسلاح والخارج بتحالفاتها الإقليمية والخارجية .
فمتى ما تخلصنا من هذه الأنظمة فستعود لنا كرامتنا وحقوقنا المسلوبة .
9) الثورة الليبية ستؤدي إلى قيام حرب أهلية .
التلاحم بين الليبيين في شرق البلاد وغربها وجنوبها والتفافهم حول ثورة 17 فبراير لا يمكن ان يمر دون ملاحظة . وفي بدايات الثورة كنا نرى كل أو معظم مدن الغرب التحمت مع الثورة . في طرابلس والزاوية وزوارة ومصراته والخمس وبني الوليد . وقوبلت الحركات بالقمع الشديد من قبل القذافي . وما زالت قوى الكتائب تحاصر الكثير من المدن غرب ليبيا . فلماذا تحاصرها وتضيّق عليها , إلا أذا كانت ثائرة .. كل مراقب محايد يرى ان الحرب هي بين ثوار يرغبون في نيل حريتهم وكرامتهم وقوة عسكرية تأتمر بأمر طاغية وأبناء . وليست بين قبائل او مدن أو طوائف . والأدهى والأمّر من ذلك , نجد ان الطاغية هو من يحاول ان يحرض القبائل والمدن على بعضهم البعض وهو الذي يعمل على قيام حرب أهلية وهو الذي يعمل على تقسيم البلاد . بينما الثوار يصرحون دائما ويحرصون على وحدة البلاد وعلى جمع الشعب تحت راية واحدة وتحت قبيلة واحدة هي "ليبيا" . هذا يحتم على كل محب ومهتم بالشأن الليبي ان يكون الى صف من يجمع ويوحد وليس الى جنب من يحاول ان يفرّق ويقسّم . ولن تتقسم ليبيا لأن شعبها مؤمن بوحدته ومؤمن بأن القبيلة هي وعاء اجتماعي وليس وعاء سياسي مثله مثل الأسرة .
المصدر: http://salehalsulaiman.blogspot.com/2011/05/blog-post_6353.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق