نشرت مجلة "روز اليوسف" المصرية يوم 17 يوليو/تموز مقالا يتحدث عن الحالة النفسية لحسني مبارك.
ويعتمد المقال، وفق ما تقوله "روز اليوسف"، على تقرير سري للمخابرات الأمريكية تم تسريبه ضمن 24 ألف مستند اعترف الجنرال وليام جي لين نائب وزير الدفاع الأمريكي يوم 15 يوليو/تموز بسرقتها.
ويشير هذا التقرير إلى أن مبارك يتمتع "بعدة صفات خصها علماء النفس المكلفون بتحليل شخصيته تلخصت في كونه عنيدا، بليدا ومنتفخ الشخصية يعشق الكذب، شكاكا بطبيعته، ومتغطرسا وفارغا ونماما ويعشق اغتياب الغير وغير متدين، يشعر بالدونية وسهل الانقياد".
وتشير المجلة المصرية إلى أن المخابرات الأمريكية تجري بانتظام دراسات صفات شخصيات رؤساء أجانب دون معرفتهم. وقالت "روز اليوسف" إن ما نشرته هو التقرير الأخير من سلسلة التقارير التي كانت تصدر 4 مرات سنويا حول الحالة النفسية والسلوكية لحسني مبارك، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي للتقارير التي تتحدث عن شخصية الرئيس المصري السابق 117 تقريرا، أعدتها لحساب "سي آي إيه" أجيال متعاقبة من أطباء وعلماء نفس أمريكيين وأوربيين. وكان هؤلاء العلماء يعتمدون في عملهم على التقارير الطبية المسروقة من الجهات التي تردد عليها حسني مبارك للعلاج، أو لإجراء الفحوصات الطبية الدورية طيلة فترة حكمه والتي تنوعت بين أشعة سينية للدماغ والصدر، وحتي تحاليل البول والبراز.
كما اعتمدت تقارير "سي آي إيه" على دراسة حركات مبارك المسجلة على أشرطة فيديو التي حصل عليها العلماء.
ووضع التقرير الذي تتحدث عنه "روز اليوسف" عالمان أمريكيان هما بيتر روزنفيلد من جامعة نورث ويسترن بولاية شيكاغو وديفيد إيغلمان، خبير علوم الدماغ والتصرفات الإنسانية من جامعة بييلر الطبية بولاية تكساس. وأكد التقرير أن علماء المخابرات الأمريكية لم يستطيعوا في وقتهم تحليل نفسية كل من الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس السادات بمثل الطريقة التي ساعدت فيها العلوم الحديثة في الكشف عن خبايا نفسية مبارك، إلا انهما اعتمادا على المعلومات المتوفرة عن شخصيات عبد الناصر والسادات ومبارك ويريان أن الأخير كان الأضعف نفسيا بينهم.
ويشير التقرير في بدايته إلي أن الطرق الحديثة تمكن العلماء من تحديد شخصية ونفسية الإنسان حتى ولو كان في سن 3 أعوام، بغض النظر عن كونه متحدثا أو صامتا أو ثرثارا أو كذابا، حيث يكشف علم الحركات البشرية حاليا ما لا يمكن الكشف عنه في الماضي.
ويشير التقرير إلى أن حركة قضم الشفتين المشهورة عن الرئيس السابق وضع عالم من الموساد بحثا كاملا عنها أثبت فيه أن حسني مبارك لديه أكثر من خمس طرق لهذه الحركة وأن كل حركة منها كانت تدل علي قيامه بالتفكير في شيء معين، تراوح بين تفكيره في الانتقام أو الحرج أو الغضب أو قلة الفهم أو تفكيره في أن وقت الزيارة قد انتهى. ويكشف التقرير أن علماء المخابرات الأمريكية وضعوا لمبارك في عدة مرات أثناء زياراته المتعددة للولايات المتحدة الأمريكية اختبارات نفسية متطورة للغاية دون أن يدري أو يشعر من حوله بأن الرئيس يخضع للتجربة العلمية النفسية. فكان مبارك أثناء كل زيارة له إلى البيت الأبيض يدعا لمشاهدة أفلام تسجيلية بقاعة سينما هناك بحضور الرئيس الأمريكي نفسه. وفي مكان ما فوق الشاشة كانت هناك كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء كانت موجهه الى المكان الذي سيحتله في الجلوس الرئيس المصري، وعن طريق تلك الكاميرا كانوا يسجلون له أفلاما كاملة، هي التي كشفت عن أكثر النقاط غموضا في شخصيته.
وكان الخبراء الأمريكيون يختارون الأفلام بعناية فائقة، وحتى يؤلفونها بأنفسهم لكي تعرض أمام مبارك صورا معينة ومختارة أرادوا له أن يشاهدها علي مدي ثوان مختلفة. فمثلا رؤيته لصور أشخاص معينين على الساحة السياسية العالمية كانت تحدد من تصرفات حدقة عينيه وانفعالات وجهه مدى حبه أو كرهه أو احترامه للشخصية.
وبهذه الطريقة مع المعلومات الأخرى المتاحة علموا أنه كان يكره ويحتقر عددا كبيرا من الزعماء والرؤساء بالعالم كان من بينهم جيمي كارتر وجورج بوش وصدام حسين وعلي عبد الله صالح والقذافي، بل كره كذلك جمال عبد الناصر وأنور السادات. حتي تفكيره في الموضوعات التي يريد طرحها كانوا يعرفونها بنسبة تعدت 74% من خلال عرض صور مثل القطارات أو الشوارع أو المطارات أو الفنادق أو الوزارات وعواصم الدول.
و كانوا يتعرفون خلال ثوان على ما يفكر فيه عقله بدراسة علمية حقيقية، حتى نوعية السلاح الذي يريد طلبه منهم كانوا يعرفونها قبل أن يطرح الحديث عنها، حيث كانوا يتعمدون عرض نوعيات معينة أمامه على الشاشات ويسجلون ردود أفعاله حتي اتساع حدقة عينه. التوقيتات التي يفكر فيها أيضا كانوا يتعرفون عليها، حيث كان يحب ضبط ساعته على التوقيت الأمريكي. فكان الرئيس الأمريكي بطلب العلماء يستدرج الرؤساء من ضيوفه لمكان الساعات العالمية بالبيت الأبيض، حيث كانت الساعات تضبط بشكل معين، ومن انفعالات وجهه كانت العدسة تصورها وتنقلها لهم ليتعرفوا على التوقيتات التي يفكر فيها، بما فيها أيام الشهر والعام.
ويكشف التقرير أن علماء المخابرات الأمريكيين كانوا يركبون في أجهزة الترجمة الفورية التي استخدمها الرؤساء الأجانب أجهزة خاصة لتسجيل ترددات كهرومغناطيسية لدماغهم، كانت بياناتها تساعدهم في دراسة شخصية هؤلاء الرؤساء.
التقرير يشير الى أنهم سجلوا أيضا بذات الوسيلة العلمية صورا لدماغهم بأشعة "إم أر آي" (MRI) لمعرفة التطورات التي طرأت بمرور الوقت، وكان حسني مبارك من الرؤساء الذين تعرضوا لمثل هذه التحاليل.
كما استنتج خبراء "سي آي إيه" عن طريق دراسة المعلومات الطبية عن مبارك التي توفرت لديهم من الفحوصات التي تعرض لها أثناء علاجه في الخارج، وتحديدا تلك التي تتعلق بالحامض النووي، استنتجوا أن للرئيس المصري جين معروف باسم "MAOA"، المسمى أيضا بـ"الجين المقاتل". ويثبت وجوده لدى شخص ما أنه شخص عدواني النزعة . ويشير التقرير الى أن أصحاب هذا الجين لا تستجيبون لمادة السرو تونين المهدئة للمخ لديهم لإشارات الدماغ لتهدئة الإنسان، فيظلوا عدوانيين لفترات طويلة تستغرق معظم حياتهم.
كما استنتج العالمان الأمريكيان أن مبارك كان لا يشعر بأي شخص آخر في الدنيا إلا نفسه، وكان يحطم الآخرين حتى يتمتع دائما بأن نفسه هي الأهم في الدنيا، فكان مستعدا لقتل، أو حتى للاشتراك في قتل كل من هدد لديه تلك النزعة المرضية.
ورصدوا جينا آخر مسؤولا عن القلق المزمن لدى حامله، فعملوا على إخضاعه لطريقة العصا والجزرة. فمثلا عندما كانوا يريدون أن يجبروه على تنفيذ أمر ما يسعون إليه، كانوا يفتعلون أحداثا من شأنها أن تشعره بالقلق والخوف، فكان يسارع لقتل ذلك القلق باللجوء إليهم حتى يشعر بالأمان، وساعتها كانوا يوفرون بطريقة علمية نفسية له الأمان، وكان الشرط المقابل هو تنفيذه لأمر ما، فكان ينفذه بلا جدال، وقد نجحت معه تلك الطريقة كثيرا، حسب ما كتبته "روز اليوسف".
وأثبت تقرير المخابرات الأمريكية أن مبارك كان ضيق الأفق، متهورا عندما يكره، يقتل أو يدبر لقتل من يفكر فيه، وأنهم خشوا على الكثير من الشخصيات المصرية التي كانت تتداخل عنده على تلك النقطة النفسية الخطيرة.
وكان مبارك، حسب التقرير، غير متدين. ولم يكن يرى إلا نفسه، ومصر لديه لم يعد لها وجود، فقد ذابت في شخصه، ولذا فقدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأمل في أن يشعر بشعبه، فكل مصر أصبحت هو وزعم واضعا التقرير أن مبارك فكر في التوريث وخطط لذلك في الفترة من عام 2015 إلي عام 2017.
من الجين المسؤول عن سهولة الانقياد فسرا خضوعه للمقربين من حكمه مثل زكريا عزمي وجمال عبدالعزيز وغيرهما، وكتب التقرير عن تلك الحالة: "كان يمكنهم اللعب بهذا الرجل كالكرة بسبب مرضه".
ورأى خبراء "سي آي إي" أن مبارك كان بطئ الفهم، يكره الإسلام ويكره عنصر جنسه العربي والإسلامي، حيث كان في الأساس يشعر أنه فوق العالم كله، فلم يكن هناك أمل أن يحقق أي مخططات للوحدة العربية.
ووصفه الخبراء بالقصير النظر، يعتبر الرؤساء الذين سبقوه أقل منه شأنا، وغير محب للقراءة، وعاشقا للمال والسلطة، وغير فاهم نهائيا في مسائل الأمن القومي.
المصدر: مجلة "روز اليوسف".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق