تناثرت أشعة الشمس في صباح دافئ من أيام الشتاء, الأزهار تتمطى في كسل, الطيور شرعت في شقشقتها المعتادة في كل صباح كما تعودت, غير أن قلبي بات
منتبها, أحس بنبضاته قوية تكاد تخلعه من بين أضلعي, فلم ينم مع النائمين و لكن ظل مسهدا ً يتلمس نبضا ً يوازيه, يعادله, يتحد معه, ظل يبحث عنه حتى وجده هناك بين أشجار الوادي الأخضر المزهر يرقص على ألحان أعذب ما تسمعه الآذان, أرق من نسيم عليل هب على أزهار الوادي.
ملأ علي السمع و البصر, أحاطني بهالة من نور كالغلالة الرقيقة يتشح بها في ظلمات ليل طويل, ظل يلح عليه أن يستسلم إلى المجهول و يلقي بأوراقه في بئر عميقة لا قرار لها, ظل يحارب حتى حافظ على تلك الأوراق من غياهب النسيان, تمرد على كل ما هو تقليدي ورتيب, و ها أنا ذا أصاحب كل تلك الأطياف و النسمات والليل الصديق, و هي كالعبق الذي انتشر في كل الأجواء متحديا ً كل أدران الحياة, يخترق الأنوف و يتسلل إلى الأرواح كالسهم يسري في خفه, هي بلا تكلف الحياة كلها, ما في الحياة من سعادة إلا هي مصدرها.
هذا ما أحسه و أعيشه, حالة حب, , حب سرمدي لا أغراض و لا أهواء هو حب للحب ,لا مجال للتملك أو الأنانية, حب يصمد أمام أعتى الرياح, يكسر كل حواجز الخوف, ينصب نفسه سلطانا ً رغم أنف الجميع.
بل حياة و نفس و عيون ترى, آذان تسمع, أيد ٍترتعش و أقدام تمشي, بل و روح ترفرف في جنبات هذا الجسد المكدود المتعب من كثرة السفر و الترحال, هذا الحب هو محطتي الأخيرة التي انتظرتها منذ أعوام لكي يقف عندها قطار العمر ويبدأ بعدها رحلة جديدة طالما تمناها و تلهف عليها.
هي تلك الحياة و الروح للروح, والنـَفس الذي يتردد بين الرئتين و النظر للعيون, هي الدم الذي يسري في العروق, أحبها كلمة لا تكفي, بل أحبها مئات الملايين من الكلمات و لا تكفي.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق