لشد ما تعجبت عندما رأيت الحزن و الفرح يتعانقان في عينيها, الدموع و أهازيج الأعياد يرقصان في المقلتين, ثم تمرد الفرح و أهازيج الأعياد و أعلنوا العصيان و انسحبوا جميعاً, بقي الحزن و الدموع وحيدين لا أنيس لهما, و أصبحت عيناها مرتعاً لسوادٍ و قتامةٍ نابعةٍ من داخل النفس التي ألفت الصراع الدائر داخلها منذ أعوامٍ ولت على فراق الحبيب, تارة يتغلب حزنها فيصبغ الوجه بلونه, و تارةً أخرى يتغلب الفرح عندما يتجدد الأمل باللقاء, منذ غادر الحبيب ديارها شيعت قلبها و أودعته قبراً من الأحزان, لا سئمت الإنتظار و لا سئمت الأمل, ثم انفرطت لؤلؤة من عقدها الثمين, مددت يدي لأتلقاها خشية السقوط على الأرض, فتسقط معها تباشير الأمل, و ما إن التقت عينانا حتى سحت الدمعات منهمرات يتسابقن, أشفقت على العيون الباكيات, فما خلقت هذه العيون لتبكي, أطبقت جفنيها على السيل لتحد من تدافع تياراته إلا أنه أبى, فدفعت إليها بمنديلي ليكون خزينتها لحفظ لآلئ عينيها, فقبلت أن تمنح منديلي هذا الشرف, ثم أرادت أن تعطيني ثروتها و لكني أبيت إلا أن تحتفظ بها, فقالت: و لكنني لا أعدك, قلت: لا أريد وعداً, بل أريدك أن تُعملي العقل في المسيرة كلها, و إن جنح العقل إلى مغالبة القوى المتسلطة على القلب و الروح فستكف العيون عن البكاء, و سينتصر ساعتها الفرح و أهازيج الأعياد, و سيضيء الوجه مرة أخرى, ساعتها ستجدينني أمامك انتظر إشارة من قلبك, و عنواني حرف من اسمي نقشته على طرف منديلي – خزانة ثرواتك – الذي سيبقى أسيرك حتى تتحررين من قيود الحزن و الدموع, وقتها, و وقتها فقط ستتذكرين اليد التي امتدت لتتلقى لآلئك تقيها السقوط, و منديلي الشاهد, و القلب الدفين صدري ينتظر يوم الخلاص لتتحد الأرواح, و تتخلص من قيود العدم, تنطلق في رحاب سماء الصدق و الصفاء موشحة بالحرير و الذهب, مرصعة بنجوم السماء, وقتها, و وقتها فقط ستعلمين أن أملاً حياً تلمسينه بعينيك خير من ذكرى, لعلها تكون كاذبة, أو صادقة و لكنها في طيات القبور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق