برغم كل المستحيلات التي تنتظرهما، تعاهدا على أشياء لا يستطيعان أن يجزما أنهما يستطيعان الوفاء بها، حالة من الانسجام الغريب قد غلفتهما، هي جنحت سريعاً نحو تلبية نداء قلبها الذي طالما حلم أن يكون نفسه، أن يكون حراً طليقاً يتغلب على كل الحواجز التي يتفنن الآخرون في صنعها، دق قلبها سريعاً عندما أحس بأنه قد آن الأوان للرسو و أن الحياة ستبتسم أخيرا، تحررت سريعاً من الأسوار التي تحكم الفطرة، و أطلقت العنان لأحلامها الجميلة الراقية، دللت على هذا في كل لحظة تمر عليهما معاً، واستسلمت لكل غرائز الأنثى ملبية كل نداءاتها، الأمومة… الخوف على الآخر… اللهفة عند اللقاء… الخجل اللذيذ الذي يكشف حسن المخبر، فلطالما اختبأ الكثيرون خلف عباءته و هم منه براء، أما هي فلم تتصنعه بل قفز من داخلها لينطبع على كل تصرفاتها، في بعض الأحيان هي قطة ناعمة، و في أحيان أخرى نمرة شرسة، حنونة، متحفظة، مرحة.....هي باختصار، حبيبته.
أما هو فلقد بحث كثيراً و فتش كثيراُ في وجوه الناس، يبحث عنها، و عندما التقيا لم يرى ملامحها بعينيه، رسم صورتها بمداد من روحه و لونها بآماله التي تجددت، كل لحظة تمر و هما معاُ تتأصل الملامح و تتغلغل داخل أعماق قلبه، حتى أن الصورة لم تعد تهم كثيرا، كانت بالنسبة له حلماً لم يكن يتخيل أنه سيتحقق هكذا سريعا، و لكنها الأقدار التى أرادت أن تجمعهما رغم المستحيل.
نشر جناحين من نور كان يخبئهما تحت غطاء الأيام، حلق بهما متجاوزاً كل الحدود، و ذهب الى حماها يملأ صحراء ليلها خضارا، و يجعل نومها نزهة محببة لا تريدها أن تنتهي، أما هي فقد أبت إلا أن تكون نصفه الجميل المضيء، رفضت أن تكون بزاوية صغيرة، احتلت كل الزوايا، و أضاءت كل حياته بنور منبعه روحها الطاهرة النقية.
هيأت لهما الأقدار مسرحاً منمقاً مرتب الأركان، و كتبا سوياً مسرحية لا نهاية لها، و ذلك لأن النهاية بيد مدبر الأكوان وحده، و كل ما عليهما أن يتقنا دورهما المرسوم بدقة، قوامه الصدق و الإخلاص، حتى تكون النهاية كما يحلمان.
ماضر القلب لو ضحك كما تضحكون..
هل على أفراحه تتهامسون...
أم أنتم حاقدون..... حاسدون...
دعوا قلبي يلتمس الحياة كما تعيشون...
دعوه يحيا و لو نصف الوقت الذي تحييون...
فكفاني أنني للحبيب غير مضمون...
و أني قد حرمت من صورته و العيون...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق