أفقت أخيراً من حلمٍ بغيض, اليوم حددت معالم الطريق, أدرت ظهري للماضي و انطلقت نحو الضياء, أرى على المدى شمس توحي إلي بالمضي قدماً نحوها, لم أرى ملامحها و لكن امتلأت عيناي بضيائها,
أعلم أنها شمسي و دليلي للنجاة من قيودي, تقدمت خطوة نحوها, و لكنها ابتعدت خطوتين للوراء, تمهلت فوقفت, ناديتها أجابتني بحلو الحديث, و لكنها أمرتني بالوقوف مكاني, سمعتها تبكي, تمزق قلبي لبكائها, حاولت أن أتقدم خطوات لأمسح دمعها, و لكنها ابتعدت خطوات, الآن أرى عيناها تلمعان لهفة و شفقة على حالي, و يداها موثوقة بأغلال من صنع البشر, ضحكت كثيرا لتنسيني البكاء, و لما بكت لم أستطع إزالة همها, أنا الآن في منتصف الطريق, تشدني أغلالي للعودة للغوص في أعماق النسيان, و ذراع مكبلة تمتد لإنقاذي, و لكنها لا تستطيع حتى إنقاذ نفسها, عالم من الموروثات و القوانين يحيط بنا, آلاف من الغيلان و وحوش الأساطير تنهشنا, كل ذنبنا أننا أحببنا, لا خلاص من العودة إلا بالموت, و الموت عزيز على طالبه, أما الحياة تهون على طالبيها, أنا من تمزق مرتين, و استحل لحمه الدهماء, عرضت على قارعة الطريق أشلاؤه, و الكل يتفرجون و يتحسرون, و لكنهم في طريقهم يمضون, غير مبالين هل بت مسروراً أم بت أنعى عمري المسلوب, و بعد أن طلعت شمسي و بدأت تنير لي الطريق, تجمهروا ليطفئوها, لأعود إلى الظلام, و لكن هيهات, سأظل أقاتلهم, سأظل أحبك حتى لو كان في حبك الهلاك المبين, فلتبكي العين لا ضير لو بكت للحنين, فلينفطر القلب فالقلب قد سجن من العمر سنين, اليوم يفتح أبوابه للمجهول الذي انتظره دهراً, يلملم الأشواق التي خبأها من السنين, يصنع باقة زهر يمنحها لقلبك الحبيب, يروم الهوى بعد أن دب الهوان في أركانه, يريد أن يصنع عالمه الذي تحطم, يريد أن يحيا بين جنبات قلبك الرحيم, لا تطرديه فهو الوليد الذي لا يعلم شيئاً عن معاني الكلمات و لا يستطيع نسج كلمات الهوى, فقبلك لم يكن في هذه الحياة, كان مدفوناً في رحم الأيام في ظلمات لا يعرف لها نهاية, قبلك كان لا شيء, اليوم يستمد نوره منك, يرتشف من نبعك الصافي شهد الحياة, لا تردينني, لا أريد العودة بلا إسمٍ, لا أريد العودة بلا معنى, لا أريد العودة إلى النسيان, أحبك هذا هو إعلان ميلادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق