هذه الوريقات كانت خضراء بالأمس, مالي أراها اليوم صفراء باهتة, فاقدة للحياة تسقط من على فروعها, تبسط لها الريح أكفانها و توسدها غير آسفة,وقفت أحسب النعوش التي توارت في التراب, لم استطع أن أمنع سقوطها أو موتها و لا دفنها, أيقنت ساعتها أن الأقدار قد أعدت لي مفاجأة كبرى......لبثت ساعة أراقبها حتى أحسست بالبرد يسري في عروقي, كاد الدم أن يتجمد داخلها, توقف اللسان عن الكلام حتى العقل أصبح حجراً أصم, لا يستجيب....لا ينفعل, وقفت و لا أدري هل أنا أقف على الأرض أم بين السحاب, هذه نجمة من النجمات تدعوني إليها كي أقتبس من ضيائها, أهدتني إياه بلا عوض, صنعت من هذا الضياء ثوباً و سيفا, و عدت إلى أرضي أزرعها و أدفن فيها عبراتي المنسكبة فنبتت أزهاراً حزينة,كلها تبكي, حرثت الأرض فأنبتت أشباحا, شهرت سيفي في وجوههم, فلم تبال بالضياء و تجمعت و لبست عباءة واحدة و انقضت على الضياء تريد أن تفتك به,و اغتال الظلام الضياء في لحظة غاب فيها العقل تماماً و تحول إلى كرة يتقاذفونها بين أرجلهم, وتنبهوا إلى ثوبي المصنوع من ضوء النجمة, أرادوا تمزيقه بأظافرهم و لكنها تكسرت, فعمدوا إلى معاولهم السوداء يستنجدون بها في تمزيق الثوب الذي كان كالجبل الأبيض تتكسر عليه كل المعاول بعد أن تطلق شرر الغل مع ضرباتهم المتوالية, ثم تحول الشرر إلى أشباح محترقة, احتضنت كل الأشباح التي أصبحت بلا أظافر و ذابوا جميعاً في أصل الجحيم, و نظرت إلى الثوب فلم أجد فيه موضع خمش أو أثرٍ لمعول, و عادت الكرة إلى مكانها و استقرت و ملأت فراغاً كان قد تكون عند انفصالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق