بعد إعادة "نجمة سيناء" للفريق سعد الدين الشاذلي..
مبارك استخدم الصور التعبيرية قبل "الأهرام" بـ37 عاماً لمحو تاريخ "رئيس الأركان" من بانوراما حرب أكتوبر..
وإليكم قصة صور الرئيس المفبركة في غرفة العمليات
يعد مبدأ احترام الأقدمية في القوات المسلحة هو المبدأ السائد والأهم الذي يقوم عليها نجاح العمل العسكري، ويترجم ذلك الاحترام في عدة أوجه،
من بينها أداء التحية العسكرية واستعراض حرس الشرف، وعزف الموسيقى العسكرية، حتى في الترتيب الطبيعي لصفوف القادة بالجيش.
ينعكس ذلك المبدأ بقوة على أحد أهم الصور التاريخية لحرب أكتوبر، وهي صورة غرفة عمليات حرب أكتوبر، والتي تضم بحسب الترتيب العسكري الرئيس السابق محمد أنور السادات باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة ويليه في المرتبة الثانية وزير الحربية الفريق أحمد إسماعيل ثم الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الحرب ثم اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس غرفة العمليات،
ويليهم قادة القوات المختلفة سواء القوات الجوية أو الدفاع الجوي أو المظلات أو الجيش الثاني الميداني أو باقي القوات.
الصورة الحقيقية للقادة بغرفة عمليات حرب أكتوبر وتضم
أنور السادات وعلى اليسار سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان وعلى اليمين أحمد إسماعيل وزير الحربية
تندرج تلك القوات المختلفة بما فيها القوات الجوية تحت رئاسة اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس غرفة العمليات،
والذي يترأسه الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب أكتوبر، ومن ثم فإن الشاذلي كان رئيس رئيس "حسني مبارك".
وهنا نكون أمام حقيقة واضحة أن مبارك إذا أراد أن يبلغ رسالة إلى السادات فعليه أن يبلغها للواء الجمسي رئيس غرفة العمليات، والذي يبلغها للفريق الشاذلي رئيس الأركان، والذي يتولى عرضها على القائد العام الذي يبلغها الى القائد الأعلى للقوات المسلحة أنور السادات "آنذاك".
صورة مفبركة تجمع مبارك والسادات وهو غير المنطقي في الترتيب العسكري للقوات المسلحة بحسب ما يؤكده حفيد الشاذلي
كل تلك المقدمة الطويلة كانت لزاماً لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالتلاعب بتاريخ مصر وقادتها العسكريين لمصلحة أشخاص على حساب آخرين،
وتحديداً عندما تلاعب الرئيس السابق محمد حسني مبارك بصور غرفة عمليات حرب أكتوبر التاريخية، وتدخل عبر الفوتوشوب في إقحام نفسه في أكثر من صورة وفي أكثر من مناسبة،
بل والأكثر من ذلك إزالة الفريق سعد الدين الشاذلي من الصور وتجاهله تماما من بانوراما حرب أكتوبر،
وهي البانوراما التي تم إنشاؤها عام 1983 تخليداً واحتفاء بذكرى أكتوبر وقادتها.
التفتيش في الصور التي تضمها البانورما كشف عن صور تعد عورات في التاريخ،
ولا أقصد هنا أي إهانة لأي شخص بقدر ما أريد تسجيل المواقف،
ففي صفحة المتاحف العسكرية المصرية بموقع البانوراما، توجد صورة مرسومة للرئيس السابق أنور السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة وعلى يساره أحمد إسماعيل وزير الحربية وعلى يمينه حسني مبارك قائد القوات الجوية وخلفه اللواء الجمسي رئيس غرفة العمليات.
الصورة المرسومة المفبركة والموجودة في بانوراما أكتوبر ويظهر بها مبارك بجوار السادات والجمسي يقف في الخلف ولا يوجد الشاذلي بها + البرنت سكرين من موقع بانوراما والمتاحف العسكرية على النت
المنطقي والطبيعي أن رسم الصورة بذلك الحال خاطئ تماما، أولاً لأنه لا يجوز أن يتم رسم الصورة، وجعل اللواء الجمسي رئيس غرفة العمليات والرئيس المباشر لحسني مبارك يقف في الخلف، في حين أن مبارك يقف في الأمام،
فضلا على أنه من الطبيعي والبديهي أن أي مناقشات تتم في غرفة العمليات يشترط أن يكون فيها الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان وهو غير موجود تماما في الصورة المرسومة.
عزيزي القارئ، قد تقول إنني متحامل على مبارك وكلامي غير صحيح، والصورة عبارة عن رسم تعبيري عن غرفة العمليات بشكل عام دون مراعاة الدقة،
لكن ماذا لو قلت لك إن الصورة المرسومة هي نموذج مماثل لصورة حقيقية في غرفة العمليات تجمع الثلاثي السادات وعلى اليمين أحمد إسماعيل وعلى اليسار الشاذلي ، وللدلالة على حديثي أن نفس وضع السادات في الصورتين لا تغيير به.
الصورة الحقيقية التي تضم السادات وعلى يساره أحمد إسماعيل وعلى يمينه الشاذلي ويبدو السادات يقف في نفس الموضع والهيئة
النتيجة الوحيدة من الصورتين الأصلية والمفبركة أن مبارك أزال الشاذلي من الصورة وتجاهله تماما متناسياً أنه رئيس أركان حرب 73 والعقل المدبر لها.
أثناء بحثي عن صور لغرفة عمليات حرب أكتوبر وجدت صورة تضم عدداً كبيراً من القادة ليس من بينهم الشاذلي ،
وعندما سألت عن السبب أجابني كريم أكرم حفيد الشاذلي أن تلك الصورة لم تكن لغرفة العمليات أثناء الحرب إنما كانت تلك الصورة بعد حرب 73،
وكشف لي أن السادات جمع كل القادة لالتقاط تلك الصورة بدون الشاذلي في أول خطوة من السادات لمحو الشاذلي من تاريخ أكتوبر بعد الخلاف الشهير الذي وقع بينهما إثر ثغرة الدفرسوار.
صورة مجمعة لقادة الجيش تم تصويرها بعد حرب 73 بناء على رغبة السادات في عدم وجود الشاذلي بعد الخلاف الذي نشب بينهما
حفيد الشاذلي دلل على صدق كلامه بعدة ملاحظات في الصورة، من بينها
أن كل من في الصورة يرتدون ملابس مهندمة ومظهرهم العام لا يدل على أجواء الحرب، بقدر ما يدل على الاستعداد لالتقاط صورة،
وأضاف كريم أن مخطط إزالة الشاذلي من تاريخ حرب أكتوبر بدأه السادات وسار فيه مبارك.
ما أكده لي حفيد الشاذلي عن فبركة مبارك لصور أكتوبر وإزالة الشاذلي تماما من الصور وعدم إدراجه في البانوراما،
أعاد إلى ذهني الصورة الشهيرة المفبركة بالفوتوشوب المنشورة بالأهرام يوم 14 سبتمبر الماضي للزعماء المشاركين في إعادة إطلاق عملية السلام،
ويظهر فيها مبارك يسير في الأمام ويقود أوباما ومحمود عباس أبو مازن ونتانياهو والملك عبد الله الثاني خلفه،
على عكس الواقع أن أوباما في الأمام ومبارك في الخلف.
وقتها وقفت الدنيا ولم تقعد وطالب رموز الصحافة المصرية بأن يعتذر رئيس تحرير الأهرام أسامة سرايا عن ذلك الخطأ الفادح لكنه خرج وقال في أول تصريح أنها "صورة تعبيرية"،
فطالب الجميع بعد ذلك بإقالته لإهانته مؤسسة الأهرام، لكنه ظل على كرسيه، ولم يفهم أحد السبب وراء ذلك،
غير أن كل ما سبق يكشف أن فبركة مبارك للصور ليس بالأمر الجديد، فقديماً وضع نفسه جوار السادات في غرفة العمليات، وحاليا يضع نفسه في المقدمة أمام أوباما.
حديثي ليس تقليلاً من قدر مبارك في حرب 73 إنما الحديث لوضع النقاط على الحروف وإعادة ترتيب الأوضاع لقادة عسكرين ضحوا من أجل أن تخلد الأمة وللفريق سعد الدين الشاذلي الذي لم يكرم يوما في احتفالات 6 أكتوبر رغم أنه العقل المدبر لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق