كان يختار الحمامات البيضاء ليذبحهن بلا رحمة.
لم يكتف بواحدة و لا عشرة بل راح يطوي الأرض تحت قدميه كالمجنون بحثاً.
يطلب المزيد من الحمامات البيضاء.
ما اكتفى المجنون بهذا.
فبعد أن انتهى من ذبح كل حمامات القرية و القرى من حولها.
تحول إلى كل شيء أخضر ليدمره...هدم كل بنيان......و دهم كل ما زرعوه.
لم يكن يستمع لأحد, حتى اكتشفوا أنه وُلد و بأذنيه صمم.
هل يعقل أن يكون قد وُلد أم نبت من أرض سقوها بالدماء.
لابد أن يكون أبوه هو الجالس أمام البحر نصفه في الشمس و نصفه الآخر في الظل.
العجيب أنه كان يلبس ثوباً أبيضا, كان أبيضا, و مع مرور الوقت و الذبح أصبح بلون الدم مشبع بلون الأرض المغتصبه.
ظل على هذه الحال عشرون عاماً, يعيث في الأرض الفساد, يقتل , يدمر, يقتلع الزرع و البنيان, و الإنسان
لم يهبوا لقتاله, اكتفوا بمص الشفاه حسرة على الأمجاد.
عملاق هو إذن؟
لا بل قزم لا يتعدى طوله المتر, تسكن جسده أرواح الشياطين.
تعجب العمالقة منه, كيف استطاع أن يتعملق, و يطاول البنيان.
يقتلعهم من جذورهم و هم صامتون...خائفون....مشتتون.
رضعوا الجبن مع اللبن من أثداء أمهاتهم.
قرية...قريتان....عشرة...لم يُعلم عدد القرى التى داسها المجنون في طريقه لتحقيق أمجاد أجداده.
و فجأة....
نصّب المجنون نفسه حاكما.
و لمّا كانت الأصوات قد قُتلت في الحناجر, لم يجد من يعترض.
استسلموا في هوان عجيب.
يدعون عليه أن تسقط السماء عليه كسفا.
أو تنشق الأرض من تحته تبتلعه.
و لكن هل يتحقق الحلم بمجرد أن نحلمه؟
قرر المجنون أن يضرب سور الهوان حول القرى.
أمر جلاديه أن يخرجوا من تبقى مطرودا.
لم ينطق أحد.....لم يعترضوا.
فروا هاربين أمام سطوته
ظل المجنون يقتل حتى أصبحت كل الساحات بركاً من الدم المنتن.
هربوا....قالوا لن نستطيع تحمل الرائحة.
مع أنهم قد استبدلوا أنوفهم بأخرى من حجر.
بقي المجنون و جنوده يضحكون.
زلزلوا بضحكاتهم كل الأركان, حتى تساقط ما تبقى من قوة الضحكات.
و نودي في الأنحاء:
ألا من معترض....
لم يعد من النداء إلا الصدى.
كل القرى قد ماتت....أصبحت قرى تسكنها الأشباح
لم يعجب المجنون هذا فخرج يطارد فلول من طردوا.
و لكنهم كانوا قد اختفوا.....
إحتضنتهم الجبال داخل أرحامها لتلدهم بعد أن يتموا عدتهم.
عمالقة........رجل واحد.
و تمر الأيام و هو حاكم على الأشباح الذين جلبهم ليسكنوا القرى
و ذات صباح
أشرقت الشمس مبكرة عن موعدها.
تعجب المجنون.....
لم يحدث عبر ملايين السنين أن أشرقت الشمس مبكرة عن موعدها
اختل إذن النظام
هكذا هيأ له خياله المريض.
مرت اللحظات عليه ثقيلة
نظر إلى جلاديه يستحثهم الإجابة
و فجأة كسر الباب الرئيسئ لقصره
جحافل العمالقه تزمجر
يحملون سيوفاً صنعوها من ضوء الشمس
تجمعت أشعة الشمس بعد انعكاسها على السيوف
انطلقت نحو عيني المجنون, فسقطتا
حاول المجنون إعادتهما مكانهما
لكن كانت كل السيوف قد تجمعت و صنعت سيفا واحدا
عاجلوه بضربة واحدة فنزف قيحا
ثم سقط على الأرض فانشقت و ابتلعته مرحبة
انطبقت عليه تعتصره فصرخ صرخة خلعت لها القلوب
انتهى الجنون و حان وقت العقول
أنشأ المحررين قرية جديدة
بنوا منازلها و دهنوا جدرانها بالبياض
و أعلى كل بيت برج حمام
كل حماماته بيضاء
---------------------
تعالوا نحقق حلمنا بلقمة خبز نقتسمها سويا و نأكلها في وقت واحد.
لقمة نجلب لها القمح و نرويه بماء الحرية بعد أن نزرعه في قلوبنا.
وقتها ستمحو ما خلّفه الجبن من أدران و تغسل جوفنا.
تابعوا المزيد في مدونتي قصص قصيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق