سقطت ورقة صفراء من تلك الشجرة العجوز المتاخمة لشباك غرفتي, تحسست رأسي و تجاعيد وجهي- الذي أصبح كمغارات في جبل أصم- نظرت في مرآة عمري؛ فرأيت البياض يكسو تاجي – كما كانوا يسمونه أيام عنفواني, عندما سقطت تلك الورقة أحسست أن العمر قد قارب على إغلاق آخر صفحاته التي بين الخريف و الشتاء القاتل, سُجنت روحي عمراً في صندوق صغير, لم تُفلح محاولاتي في فتحه, كما لم تفلح المساحيق و أدوات الزينة في فرض الحقيقة الزائفة على العيون المتلصصة التي تخترق عظامي, عشت دهراً داخل هذا الصندوق بغير جلد, فقط غشاء مزيف يلون وجهي و شعري الذي هو تاجي, و بعد أن تنازلت عن عرشي لبنيتي, ها هي تتنكر لي, تخجل لمجرد ذكر اسمي, فأنا لم أعلمها – أو لم يكن عندي الوقت- أن تنتمي إليّ, فانتمت إلى العرش الذي تنازلت لها عنه, و ذلك لأنني كنت مشغولة طوال الوقت بجلدي أحاول تنظيفه من أدران علقت به رغماً عني-أو برضائي.......أدران لا يمحها انسكاب العمر كله عبرات, و في نهاية الطريق يقترب هذا الشبح الأسود كلما ازداد عدد الوريقات الصفراء التي تتساقط من تلك الشجرة العجوز المتاخمة لشباك غرفتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق