مشاعر مختلطة و شجون تحركت و دموع أطلقت لنفسها العنان, المشهد العام غير مسبوق بالمرة, كان التاريخ يسجل الأحداث دائماً, و لأول مرة أرى شعبواً تكتب التاريخ, أين كانت تختبئ هذه المشاعر, هل كانت تستر خلف أسوار اللامبالاة و التشويه المتعمد للحقائق, هل كانت تتحفز داخل الصدور للإنطاق, هذه المشاعر كانت تجبن دائماً عن التصريح و تتعذر بحجج واهية ليس لها محل من الإعراب, مشهد أرعب كل دعاة التخلف و الرجعية و التمسك بالبالي من الأعراف و الأخلاق التي ترعرعت في تربة تم تخصيبها و تهيئتها لزرع اليأس و القنوت حتى من الأمل, تفنن الباطل في استحداث الوسائل و الأدوات لترسيخ قيم جديدة و مفاهيم جديدة بل و دين جديد ما أنزل الله به من سلطان, حتى عجز من كان ذو عقل عن إدراك حجم الخطر, ليس لخطأ في أدواته على الفهم و لكن لتضخم حجم الباطل في غفلة من أهل الحق.
الآن لملم الحق أشلاء العقل و العودة للحضارة المتغلغلة في التركيبة الخلقية لهذه الشعوب التي – و إن صبرت كثيراً- لا ترضى الهوان و التبعية للذل و الخنوع, هبت جحافل الشرف و الغيرة في صدور الكل, في لحظة واحده, شرارة واحدة اندلعت في كل القلوب على اختلاف توجهاتها, شرارة لم يكن أشد المتفائلون يعلم أنها ستكون بهذه القوة, و أزعم أن الذين قاموا بهذه الثورات لم يكونوا على دراية من مدى تأثيرها و المدى الذي وصلت إليه, لأنهم توافقوا في لحظة تاريخية مع مراد الله تعالى فأذن لهم أن انطلقوا, و أثبتت الأيام أن هناك قدر أقوى من كل العروش و الطغيان هو من يحرك المشهد الذي غطى على كل المشاهد و تصدر كل العقول و أدهش كل المتلمسين للحرية في كل بقاع الأرض, فصوت الحرية عندما يصدح في النفوس و تعلو به الألسنة لا يستطيع مخلوق كان أن يسكته.
أذن الله لهذه الشعوب أن تنطلق و لن يعيق انطلاقها مخلوق, الصدمة التي طالت كل أركان الباطل ما تزل تدوي بقوة و تزلزل عروش ما زالت تحسب أنها بمنأى عن هذا المد القادم من أعماق النفوس الحرة التواقة للتطلع لغد أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق