الشعب يريد….
نداء ارتفع عالياً إلى عنان السماء, و كان الرب سامعاً.
هبت الشعوب من نومها أخيراً فتحققت فيهم المقولة الشهيرة " ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت, و كنت أظنها لا تفرج"
لقد عانت الشعوب العربية جميعها من طغيان و فساد و تسلط لفئة فاسدة على مقدراتها, و لما كان الوعد الإلاهي " أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صريحا واضحا, فلقد آن الأوان إذن للتغيير, و لا أسميه تغييراً و لكنه عودة بالأمور لطبيعتها, فالاستثناء هو ما كان حاصلا, أما الأصل فهو العودة للفطرة الإنسانية التي جُبل الإنسان عليها, فلقد خلق الله الإنسان حرا, و الاستعباد عرضاً, خلق الله الإنسان مفكراً فاعلاً مؤثراً في عمار الكون, و لم يخلقه أداة هدم و قمع و مصادرة للحقوق الإنسانية البديهيه.
فعندما تجاوز الطغاة الحدود التي رسمت لهم لحكم البشر كان لزاماً بل و حتمياً أن تثور الجموع من البشر و يصدح صوت الحرية في أرجاء المعمورة "الشعب يريد…"
و إذا أرادت الشعوب فإرادتها من إرادة الله تعالى لأن الإجماع لا يمكن أن يتعارض مع الهدف الأساسي من خلق الإنسان ألا و هو عمار الكون, فأنت ترى الإجماع دئماً ما يكون على الحب و الخير و القيم السامية التي نادت بها السماء أهل الأرض, و الرفض لهذه القيم لابد – مهما طال الوقت- أن ينتهي, هكذا هي سنن الكون, الصراع الأزلي بين آدم و إبليس, الخير و الشر, دائماً ما سيبقى هذا الصراع طالما هناك حياة, و ما كانت ثورات الشعوب إلا لاستعادة الريادة للخير الذي هو الأساس, و منذ فجر التاريخ و منذ خلق الله الدنيا و ما فيها و بعث الرسل , فبعث الرسل هو أيضاً ثورة على أوضاع ظنت أنها استتب لها الأمر, و عندما يظن الشر أنه استطاع السيطرة على مجريات الأمور و بسط نفوذه في أرجاء الأرض, جاء سيف الحق بنبي أو رسول أو انفجار ثوري لشعوب تسعى لعودة الحق و الخير و الجمال.
فالشعب أراد, و الشعب أصر على إرادته, ثم أصر على ألا يتنازل مرة أخرى للشر, و حاول الشر أن يتدارك الموقف و يقدم هو التنازلات و لكن الحق أبى إلا أن يكون كاملاً غير منقوص, فالشعب أراد و كان ما أراد لأنه وافق طبيعة الأمور و الفطرة التي خلق الله عليها جميع البشر و هي الحرية….الحق….الجمال
فليتبوأ الذين أرادوا سلب الحقائق مقعدهم في مزابل التاريخ, و ليتخذوا مكان الريادة في مصاف الجبابرة و الطغاة الذين توعدهم الله تعالى بشديد الخزي و العار في الدنيا و الآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق